البورصة الامريكية بين الانهيار والتصحيح
متابعات اقتصادية: عبد الله العوامي
٦ فبراير ٢٠١٨م
المتتبع لأخبار البورصة الامريكية هذه الايام يشهد حدثا غير اعتياديا حيث تعرضت البورصة الامريكية هذه الايام الى انهيار حاد ومفاجئ وسريع في ان واحد… ولم يسبق لهذا الانحدار الحاد ان تكرر في فترة زمنية وجيزة جدا من قبل… وخاصة انه السوق انخفض أكثر من ٢٠٠٠ نقطة في يومين متتاليين…
وتناولت وسائل الاعلام أيضا خسارة بعض أصحاب الشركات الكبرى ورؤوس الاموال الضخمة لخسائر فادحة تقدر بالمليارات من الدولارات حيث أن أحدهم وهو الملياردير المشهور وارن بفت انخفضت قيمة اسهمه السوقية الى ما يعادل 5.1 مليار دولار…
حسب المتابعة للعديد من وسائل الاعلام المعنية بالاقتصاد الامريكي بأن الكثير منهم يستغرب هذه الحدث المفاجئ حيث لم تكن هناك مقدمات لأي أسباب جوهرية تستدعي هذه الموجة المتتالية من الانخفاض الحاد في القيمة السوقية للأسهم الامريكية…
في الطرف المقابل يعزوا البعض منهم أن أسباب هذا “الخضة” أو الانحدار أو حركة التصحيح سمها ما شئت يعود الى عوامل كثيرة ومن أهمها:
- ارتفاع مؤشر البورصة داو جونز أكثر من ٦٠٠٠ نقطة وبنسبة ٢٥٪ في سنة واحدة وهي عام ٢٠١٧م … وهذا الارتفاع المضطرد يعتبر مؤشرا واضحا أنه سيتوقف يوما ما ثم يرتد لكي تتم عملية تصحيحية مناسبة لبعض الاسهم الرئيسية والوازنة في السوق الامريكي.
- ارتفاع الفائدة الامريكية… سبب في جذب بعض أموال المستثمرين وسحب بعض استثماراتهم تجاه السندات الخزينة الامريكية وسندات بعض الشركات كعامل احتياطي لمخاطر الاسهم المرتفعة.
- ارتفاع معدل البطالة طفيفا وازدياد نسبة التضخم قليلا… سبب في انخفاض الثقة المتنامية في السوق الامريكي بشكل بسيط وقد يكون مؤقتا عند بعض المستثمرين…
- انخفاض الارباح الفصلية لبعض الشركات الرئيسية مثل شركة أبل… سبب مباشرة في انخفاض اسهمها في البورصة واثر تباعا على المؤشر… وخاصة اذا كانت بعض هذه الشركات مثل شركة ابل التي يبلغ القيمة السوقية لها وحدها يتجاوز ١ تريليون أحيانا… وخاصة ان شركة أبل تزود المستهلك بمنتجات معظمها كمالية وليست منتجات اساسية… ويعني بصورة اخرى يمكن للمستهلك ان يشترى حاسب او تلفون ارخص بكثير من أسعار شركة ابل… بالإضافة تراجع أرباح هذه الشركة مثلا يعني تراجع في الابداع التي عودت المستثمر والمستهلك عليه في ان واحد وقد يكون هذا عاملا لسحب بعض الثقة منها وبيع اسهمها.
- قيام بعض المحافظ الاستثمارية الخاصة بالتقاعد لبعض المؤسسات الحكومية والشركات الكبرى ببيع الكثير من اسهمها لجني بعض الارباح وخوفا من هبوط السوق ساعد ذلك في ازدياد موجة البيع المتتالية والضخمة عند البعض الاخر… وسبب في انخفاض قيمة الاسهم بشكل عام..
ويستخلص الخبراء في الاعلام الامريكي أن المتوقع وعند الكثير منهم بأن هذه الموجة من الانخفاض ستتوقف قريبا وهي حركة تصحيحية عابرة ومؤقتة قد تستغرق اسابيع معدودة بين مد وجزر وسوف يتعافى السوق ثانية ومن المتوقع ان يرتفع المؤشر بنسبة ١٤٪ في نهاية ٢٠١٨م… نظرا لقوة الاقتصاد الامريكي والناتج عن نمو الكثير من ارباح الشركات وازدياد القوة الشرائية لدى المستهلك الامريكي… بالإضافة الى تنامي المشاريع العملاقة عند بعض الشركات حيث ان شركة أبل وحدها تخطط الى استثمار ٣٢٠ مليار دولار في العشر السنوات القادمة واستحداث أكثر من ٢٠ الف وظيفة جديدة..
أما بالنسبة لثروة كبار رؤوس الاموال واصحاب الشركات الكبرى فقيمة ثروتهم قد انخفضت سوقيا فقط ولكن عوائدهم الربحية لم تتغير كما ان نسبة حصصهم في شركاتهم ايضا لم تتغير ولا زالوا يمارسون دورهم التمثيلي في الشركات المعنية بدون أي تغيير يذكر…
ربما الخاسر الوحيد هو المضارب الذي اشترى كميات كبيرة في هذه الايام وينوي بيعها خلال فترة بسيطة… والرابح الاكبر هو من استثمر أمواله عبر شركات متخصصة… ويقول المثل الشعبي أعطي “القرص” خبازه ولو أكل نصفه.. القرص يعني رغيف الخبر.