يوم جديد وشديد في البورصة الامريكية

البورصة الامريكية ويوم جديد وشديد

 

٩ فبراير ٢٠١٨م

بعد الانحدار في يوم الثلاثاء الماضي يتكرر المشهد اليوم الخميس لينحدر المؤشر ثانية وبأكثر من ١٠٠٠ نقطة وهو الانحدار الثاني في أسبوع واحد والثالث في أسبوعين متتاليين… في الطرف المقابل يترقب العالم بأجمعه نتائج التداولات غذا يوم الجمعة وما ينبثق عنه من مفاجآت…

لازال الاستغراب سيد الموقف عند الكثير من المحللين لاقتصاديات السوق المالي في أمريكا… والكثير منهم أيضا لازال يفكر بعمق قبل أن يبدي بأي تحليل لوسائل الاعلام… فالحذر أيضا سيد اخر لمعظم الخبراء والمحللين…

وعودة سريعة لمحطات الارتفاع والهبوط للبوصة من سنة اخر كساد (ركود اقتصادي) في أمريكا عام ٢٠٠٨م وحتى اليوم يرى المراقب والمتابع للأحداث بوضوح ان البورصة تعرضت لأكثر من هزة لعدة أسباب مختلفة ولكنها تعافت بعدها…

تاريخيا هناك أكثر من ٩ محطات شديدة تراجع فيها المؤشر لسوق المال في أمريكا من عام ٢٠٠٨م وحتى الان… ولكن كانت لها أسباب رئيسية وواضحة وملموسة أيضا لتلك التراجعات… بعكس ما نشهده هذا الأسبوع من تراجعات حيث الكثير من المحللين لم بتعرف بعمق بعد عن الأسباب الجوهرية لهذه التراجعات المفاجئة.

وفي نفس الوقت لا ينفي الكثير من المحللين بأن هناك عوامل مساعدة ومجتمعة في ان واحد ساهمت بشكل مباشر في احداث هذه التراجعات الأخيرة… وقد ذكرنا في المقال السابق عن بعضها بشكل عام… 

وسنحاول في هذا المقال أن نلقى الضوء على بعض التفصيل لبعض منها وذكر بعض عوامل أخرى لكي نساهم في فيهم الصورة بشكل أفضل:

أولا: لمدة ١٥ شهر او أكثر استمر المؤشر بارتفاع مستمر متحفزا نتيجة المناخ المتفائل لدى معظم القيادات للعمل التجاري والشعور النفسي بالرضا والارتياح العام لأداء السوق وعزز من ذلك ربحية الشركات عند مستوى التوقعات بأكثر او أقل ولكن بدون خسائر جوهرية لمعظم الشركات الرئيسية والتي لها دورا مؤثرا في مسار المؤشر سلبا او إيجابا. لكن في الطرف المقابل يرى العديد من الخبراء انه لا يمكن أن تستمر نسبة المؤشر في الارتفاع بدون توقف ويجب أن يحدث التوقف نسبيا ولو لفترة مؤقتة لكي تكون حالة السوق أكثر صحية…

ثانيا: يرى الكثير من الخبراء بأن تلازم ازدياد عدد الوظائف وارتفاع الأجور في الفترة الأخيرة سيسبب مستقبلا لارتفاع التضخم وعليه سوف يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي للتدخل من اجل زيادة نسبة الفائدة ويمكن لأكثر من مرة في عام ٢٠١٨م. وهذا بدوره سوف يجذب بعض المستثمرين لاستبدال بعض استثماراتهم في السندات الحكومية. كما يضيف بعض الخبراء أيضا… أن تعافي الاقتصاد نتيجة ربحية الشركات وتزايد القوة الشرائية عند المستهلك… ساعد بعضها للتوسع في تحسين المنتجات الجوهرية واضافة منتجات جديدة تواكب احتياجات أسواق المستقبل مما عزى للاستدانة عن طريق طرح سندات تنافس سندات الخزينة الامريكية.

ثالثا: تريث وترقب عمالقة السوق من مدراء المحافظ الاستثمارية الكبيرة في عدم التحرك للشراء وقت هبوط المؤشر ساعد في هبوطه اكتر.. ويرى بعض المحللين أن سبب التريث هو الانتظار من اجل اقتناص الفرصة المناسبة والتي في نظرهم لم تأتي بعد… وهذا يعني ان هناك تصور عند البعض بأن المؤشر قد يهبط أكثر في الأيام القادمة أيضا..

رابعا: فقاعة الشركات الاستثمارية الخاصة… تعرض السوق المالي في أمريكا مرتين لركود اقتصادي سنة ١٩٩٨م وسنة ٢٠٠٨م. وكان من ضمن الأسباب الرئيسية للركود هو افلاس بعض الشركات الاستثمارية… وللطرفة أن بعض المحللين يخشى من رقم ٨ فهو المتكرر في المرتين السابقتين وقد يتكرر هذه السنة لأنه يحمل رقم ٨ أيضا.

خامسا: يعتبر الذهب أكثر امانا بشكل عام مما أثر في اتجاه بعض المستثمرين لهذا السوق الواعد والمستمر في الارتفاع بنسب مقبولة… ولكن بعض المحللين لا يرى هذا عاملا رئيسيا في انخفاض المؤشر وقد يكون تأثيره ثانويا…

سادسا: وهناك من المحللين من يستثني معظم العوامل أعلاه ويعتبرها مهمة ولكنها ثانوية ويركز على سبب واحد ورئيس وهو الخلاف الحاد بين المشرعين في الحزب الديموقراطي وإدارة البيت الأبيض حول ميزانية الأنفاق الحكومي ونظام الهجرة بالإضافة الى مسار التحقيقات في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية. وعند الاتفاق لهذه المواضيع المهمة سوف ينتعش السوق ثانية وخلاف ذلك سوف يظل السوق مذبذبا لفترة ليست بالقصيرة.

في ضوء ما تقدم من اختلاف واتفاق في بعض اراء المحللين… فلكل منهم استراتيجيته في طريقة الاستثمار في هذه الفترة على وجه الخصوص باختيار واحدة من الطرق التالية:

الطريقة الأولى: نتيجة قوة الاقتصاد الأمريكي وحسب ما ذكرناه في المقال السابق فان السوق بدوره سوف يتعافى بعد فترة وينصح بعض الخبراء بعدم الانزلاق لموجات البيع الضخمة لكيلا يتسبب ذلك في زيادة الهبوط وعدم الشراء في ان واحد من اجل زيادة الثقة في سوق الأسهم والانتظار لبدء تعافي السوق واقتناص الفرصة المناسبة للشراء ثانية.

الطريقة الثانية: من أجل التوازن وتقليل الخسائر ينصح البعض منهم ببيع قسم من الأسهم وحتى النصف منها مثلا والشراء ثانية عند تعافي السوق.

ختاما… وكما نوهنا في المقال السابق بأن نستفيد من بيوت الخبرة وذوي الاختصاص من شركات الاستثمار بوضع سلة وازنه مكونه من السندات والأسهم تلبي مستوى المخاطرة الاستثمارية لكل شخص على حده.

Previous post البورصة الامريكية بين الانهيار والتصحيح
Next post خميس أحمر ثاني في البورصة الامريكية