خميس أحمر ثاني في البورصة الامريكية

البورصة الامريكية وخميس احمر ثاني

متابعات اقتصادية: عبدالله سلمان العوامي

 ١ مارس ٢٠١٨م 

في يوم الخميس الثامن من فبراير في هذا العام ٢٠١٨م يعني قبل عشرين يوما شهدت البورصة الامريكية حدثا كبيرا وتمثل في انحدار شديد للمؤشر بأكثر من ١٠٠٠ نقطة بعد انحداره أكثر من مرة في خلال فترة وجيزة… لمعرفة الأسباب وقتها يمكن الرجوع لمقال كتبته، وتجده في المدونة بعنوان: البورصة الامريكية ويوم جديد وشديد. 

وقد دونت وقتها بأن كبار المحللين المعنيين في الاعلام الأمريكي والمتخصصين في البورصة الامريكية أجمعوا على استغرابهم لحدوث ذلك الانحدار حيث لا توجد مبررات جوهرية ولا استباب ملموسة يمكنها أن تقنع المتابع او المستثمر على حد سواء

ويتكرر المشهد اليوم الخميس في الأول من مارس ٢٠١٨م لينحدر المؤشر أكثر من ٨٠٠ نقطة بعد عدة تراجعات في نفس الأسبوع ليشكل حدثا مأساويا وعنيفا للكثير من المستثمرين.

ولكن الجميل في الامر أن الكثير من المحللين والمتخصصين وجدوا أسبابا كثيرة لتراجع المؤشر هذه المرة وعلى النقيض من ذلك في الخميس السابق. ويقولون ان معرفة السبب هي نصف الحل.

هناك أسباب كثيرة ومختلفة لأسباب هذا الانحدار المتراكم ولكن سأحاول هنا أن اسرد الأسباب الجوهرية والتي أجمع عليه الكثيرون من كبار المحللين في الصحافة الورقية والتلفزة المرئية وهي كالتالي:

أولا: التصريح الأخير (قبل يومين) لرئيس الاحتياطي الفيدرالي الجديد السيد جيروم بأول بأن الاقتصاد الأمريكي قد استقوى عافيته في الأسابيع الحالية مما يدفعنا لرفغ نسبة الفائدة بأسرع مما خططنا له لكي نحدث نمو قوي ومتوازن.. هذا التصريح من أعلى قمة في سلطة الهرم المالي يدفع الكثير لتحويل استثماراتهم من الأسهم الى السندات الحكومية.

ثانيا: التفكير بجدية في تنفيذ أحد الوعود الانتخابية الجوهرية لقاعدة وجماهير الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية على الواردات للسوق الأمريكي وخاصة الحديد والالمنيوم سيساهم بشكل كبير في خفض ربحية الكثير من الشركات وخاصة مصانع السيارات. 

ثالثا: انخفاض الربحية لبعض الشركات في الربع الأول والمنتهي في فبراير ٢١٠٨م شكلت عاملا إضافيا لتراكم انخفاض المؤشر. 

رابعا:  يبقى وكما دونت سابقا في أحد المقالات بأن أحد الأسباب الرئيسية لتذبذب السوق أيضا هو الخلاف السياسي الحاد بين قيادات الحزب الديمقراطي وإدارة البيت الأبيض على الكثير من القضايا مثل الهجرة وجدار المكسيك بالإضافة الى النظام الصحي والموازنة العامة. 

الأسباب أعلاه شكلت الكثير من النتائج السلبية وبعض منها ما يلي:

الأولى: تراجع مؤشر نسبة النمو في الاقتصاد الأمريكي الى 2.6%  في نهاية فبراير بدل من 5%  حسبما كان متوقعا.

الثانية: تراجع القيمة السوقية لملكية الأسهم لكبار المستثمرين حيث انخفضت ثروتهم حسب مؤشر بلوم يرج للمليارديرات كالتالي:

ا) وارن بافيت بمقدار ٣.٧ مليار

ب) مارك زوكبيرغ بمقدار ٣.٧ مليار

ج) لاري بيج بمقدار ٣.١ مليار

د) سيرج برين بمقدار ٣ مليار

هـ) امانشيو اورتيغا بمقدار ٢.٥ مليار

الثالثة: مصانع السيارات سوف تتكبد خسائر كبيرة لعدة أسباب منها ارتفاع تكلفة الإنتاج لتوقع ارتفاع قيمة التكلفة للحديد والألمنيوم بالإضافة الى ارتفاع نسبة الفائدة مما يعني احجام المستهلك من الشراء وخاصة ان هذه المصانع ونتيجة تحسن الاقتصاد في عام ٢٠١٧م قد طورت الياتها بإضافة مواصفات جديدة ويعني أسعار إضافية نظرا لإمكانية شرائها من قبل المستهلك ولكن النتائج ستكون عكسية.

ماذا في الأفق – مع حدة تراجع المؤشر في الأسابيع الماضية ولكن ذلك لن يسبب خطرا جوهريا على البورصة الامريكية لعدة أسباب منها:

١ لا زال الاقتصاد الأمريكي يحظى بثقة المعنيين والمستثمرين وان تزعزعت ثقة المستهلك قليلا في الأسابيع الماضية 

٢ كثير من المحللين والمتخصصين وبرغم تراكم الانحدار الشديد لا يتوقعون باي ركود اقتصادي في الفترة القادمة

٣ أثبتت معظم التجارب ان الاستثمار طويل الاجل لن يتأثر كثيرا رغم حالات الركود التي حصلت في الأعوام المنصرمة

٤ يأمل الكثير من المستثمرين والمعنيين في الأسواق المالية بأن يقوم الرئيس الجديد للاحتياطي الفيدرالي برسم سياسة مالية متوازنة بعيدة عن الخلاف السياسي الحاد بين الديمقراطيين والبيت الأبيض لكي تساعد في استقرار السوق وتدفع عجلة النمو قدما.

Previous post يوم جديد وشديد في البورصة الامريكية
Next post هواجس ركود الاقتصاد الأمريكي وتعدد القراءات