قراءة في كتاب: الروبوتات قادمون… إنه عصر الأئتمة

الروبوتات قادمون… إنه عصر الأئتمة (المكننة)

قراءة في كتاب: الروبوتات قادمون… أنه عصر الأئتمة (المكننة)

ترجمة وبتصرف: عبد الله سلمان العوامي

بقلم: السيد مايك كولاغروسي

المصدر: بيج ثينك (الفكر الكبير) حسب الرابط أدناه

تاريخ النشر: ٢٩ أبريل ٢٠١٩م

القلق والدهشة التي انتابت الصحفي السيد أندريس أوبنهايمر، إلى حد ما من دراسة أجرتها جامعة أكسفورد تتنبأ بأن ٤٧ في المائة من الوظائف ستحل محلها روبوتات أو أجهزة كمبيوتر ذكية، جعلته يخطط لاكتشاف ما هو مستقبل العمل الذي يتم إجراؤه على الضحايا المحتملين وكذلك المحسنين لهذا العصر الجديد.

تعمل الروبوتات وغيرها من العمليات الآلية المتنوعة بالفعل على تغيير جذري لطبيعة ما نعتبره عملا أو توظيفا. على عكس العصور السابقة من التحولات التكنولوجية النموذجية، حيث تمكنت القوى العاملة سابقا بأكملها من التعافي بسرعة والتطور إلى مجالات جديدة مزدهرة – لن يكون عصر الأئتمة القادم سلسًا في عملية الانتقال.

في عصر الروبوتات، ومستقبل الوظائف في عصر الأتمتة، يجمع الصحافي أوبنهايمر سلسلة واسعة من التساؤلات والتحقيقات في بحث واسع ومتعدد التخصصات عن المستقبل القادم. وهو عصارة لسنوات من البحث الدؤوب والتجارب والمحادثات المثيرة، حيث لا يترك هذا الكتاب أي حجر تقني الا وقلبه وتفحصه.

بدون القفز إلى الكلمات الطنانة من هنا وهناك، يقوم السيد أوبنهايمر على نحو كاف برسم خريطة العصر الجديد ويسقط عليها تقريبًا كل الخبراء التقنيين والمحللين على حد سواء وإضاءتهم.

سواء كان ذلك عن طريق تعليم الالة، الذكاء الصناعي، الواقع الافتراضي والواقع المعزز، أو الحاجة إلى معيار الدخل الأساسي العالمي (universal basic income) – هذا الكتاب يفحص التقنيات السابقة وينتقدها بشدة من جميع الجبهات. ويفند ضجيجها؟ ويتساءل أين نحن على مستوى التطبيق من هكذا تقنيات؟ ماذا يقول الخبراء وما رأي المنتقدين؟ وكيف سيؤثر ذلك على سوق العمل ومفاهيم التوظيف؟

السؤال: من أجل ماذا الروبوتات قادمون؟ والجواب: انهم قادمون الى كل شيء.

تميل الأطر الزمنية والإحصاءات ويتذبذب الرأي اعتمادًا على من تحدث اليه المؤلف في ذلك الوقت. هناك العديد من الحالات التي تم الاستشهاد بها والتي تتعارض مع جميع المخاوف الشائعة من الأئتمة في إحلال الوظائف. على سبيل المثال، في عام ٢٠١٦م، زادت شركة أمازون Amazon من روبوتات النقل لديها من ٣٠,٠٠٠ الى ٤٥,٠٠٠. المضاربون في ذلك الوقت اعتقدوا ان هذا من شأنه أن يؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف. على العكس من ذلك، تمت إضافة أكثر من ١٠٠,٠٠٠ وظيفة جديدة في الأشهر الـ ١٨ التالية من تشغيل الروبوتات.

في الوقت الحاضر زيادة هذه الأنواع من التوظيف أصبحت شائعة نسبيا. لكنها تتساوى أيضًا مع الوظائف الضائعة والمستبدلة في جميع الصناعات جراء الأئتمة. وهي ليست محصورة في وظائف القوى العاملة المنخفضة المستوى. بل إنها أثرت على جميع مستويات العمل.

توجّه مثلا إلى مباني الأبراج العالية في شارع وول ستريت، لترى حتى خبراء ماليين يحلّ محلهم محللون روبوتيون يستخدمون البيانات الضخمة. هذا لا يؤدي إلى احلال القوى العاملة المنخفضة المهارات فقط، بل يتم التخلص حتى من المستشارين الماليين الكبار الذين يتقاضون في المتوسط من دخل ما يتراوح من ٣٥٠,٠٠٠ إلى ٥٠٠,٠٠ دولار في السنة.

حتى الوظائف في المهن المحترفة مثل الصحافة والقانون ليست آمنة ولن تكون مؤجلة من قطار الأئتمة. لاحظ السيد أوبنهايمر أن السرعة المذهلة لخدمات النسخ والاملاء الآلي تغيرت تماما في السنوات القليلة الماضية مقارنة للطريقة التي أجرى بها المقابلات سابقا. المقابلات نفسها التي تدون في الكتب يتم نسخها وترجمتها إلى حد كبير بواسطة تقنيات الذكاء الصناعي.

هناك قوة متنامية من الروبوتات تكتب عددًا مرتفعا من المقالات بواسطة تقنية تسمى هيلوجراف Heliograf. العمل الذي كان يتطلب سابقا المئات من الصحفيين لتغطية الانتخابات المحلية مثلا، يتم عمله حاليا بواسطة روبوت واحد فقط وهو مبرمج بنموذج معين. في عام ٢٠١٦م، استطاعت جريدة واشنطن بوست من تغطية أكثر من ٥٠٠ مكان انتخابي في أمريكا باستخدام هذه التقنية.

إذا كان هناك شيء واحد شديد الوضوح، فهو أن الأئتمة وأجهزة الكمبيوتر الذكية لا تترك شيئًا خلفها وتفاجئك بظهورها في الأماكن الأقل توقعًا. وما نفهمه أن هكذا تقنية قد أثارت القلق عند الكثير من الناس.

السيد أندرس ساندبرج من جامعة أكسفورد عبر عن حالة الأئتمة هذه بنكتة، ولكنها بصدق تعكس الحقيقية وهي:

الأمر بسيط للغاية: إذا كان من الممكن أن تشرح وظيفتك بسهولة، فيمكن إذا أن يتم عملها آليا، وإذا لم تستطع شرحها بسهولة فلن يتم ذلك.

سيتطلب العمل في المستقبل نقلة هائلة في المهارات والتفكير العقلي والدراية. المهارات اللينة، والقدرة على العمل مع التدفق المستمر للبيانات التفاعلية بالإضافة للقدرة على تكوين رؤى عملية من مخزون البيانات المتوفرة، ليست سوى بعض من سمات القوى العاملة في المستقبل.

بالنسبة لأولئك الذين لن يستطيعون مجاراة النقلة التقنية، سوف يحتاجون إلى تغيير تفكيرهم في المفهوم النفسي والثقافي للعمل والتوظيف في المقام الأول. يعتقد الكثير من المستقبليين، والاقتصاديين الجادين، بما فيهم المؤلف نفسه انه حان الوقت حقا لتطبيق نظام معيار الدخل الأساسي العالمي (universal basic income)

عقلية جديدة للمستقبل

في مقابلة مع الفيلسوف نيك بوستروم، كان هناك نقاش حول أهمية التقدير الذاتي التي يتلقاها الكثير من الناس من أعمالهم. حيث انه يعتقد أنها ظاهرة جديدة وإحدى المشكلات الرئيسية التي سنواجهها اجتماعيًا.

يذكر الفيلسوف بوستروم أنه في مرحلة ما، كانت الطبقات الأرستقراطية القديمة قادرة على العيش حياة جديرة من خلال الانخراط في تجارب ممتعة ومرضية. ويستنتج من خلال محادثته أن شيئًا كهذا يجب أن يحدث في عقلية شريحة أكبر من السكان. مع وجود احتمال ان عالم المستقبل ليس بحاجة للعمل، نحتاج بجدية إلى إعادة النظر في المشروع البشري ومفاهيم التقدير الذاتي المرتبطة بالعمل.

يمكنك وضع جميع المُثُل الفاضلة المستقبليّة جانباً، حيث أن طبيعة التعليم والعمل المهني والتوظيف تتبع اتّجاهًا قديمًا – ولكن التقدّم المطلق دائمًا يركب رأسًا على عقب ويستغلّ الوضع الراهن. سوف تتغير طبيعة واساليب العمل مع الزمن بطرق فريدة من نوعها بحيث لا يستطيع هذا الكتاب أو أي شخص آخر على قيد الحياة اليوم له القدرة على التنبؤ بها.

يذكر السيد أوبنهايمر كيف انبثقت بعض الوظائف الجديدة مثل برمجة وتطوير الآيفون ووظائف تحليل البيانات السحابية وما إلى ذلك من أحدث الابتكارات والابداعات. قبل أقل من عقدين من الزمان كانت هذه الكلمات رطانة وبربرية حين سماعها. سوف ينطبق الشيء نفسه على الوظائف في العقود القليلة القادمة.

هناك عدد من الأشياء التي لن يتمكن الذكاء الآلي التنافس معها. وهنا لا نعني قدرات الخيال الشخصية منها والخاصة والقادمة من خلال الذكاء الفائق – هذه الأشياء مختلفة ولا داعي للقلق منها تماما. واقع الحال أن وظائف جديدة قادمة وأن مجموعة كبيرة من الوظائف التي كانت لدينا لسنوات لن تعود أبدًا.

سيكون التعامل مع عدم القدرة على إعادة تكوين مهارات مواكبة لعدد كبير من الناس مشكلة كبيرة في السنوات القادمة.

يرى المؤلف نفسه متفائلًا تقنيًا على المدى الطويل، ولكنه متشائم تقنيًا على المدى القصير.

إذا كان هناك واحد من الأمور القاطعة نستخلصها من هذا الكتاب فهو أن التهديد بالأئتمة هو وعد حقيقي ولا مفر منه. لا توجد جدوى للمواجهة ضد الأئتمة. الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به هو أن نتطور بجانبه.

https://bigthink.com/big-think-books/the-robots-are-coming?utm_source=Big+Think+newsletters&utm_campaign=2f497da0a7-EMAIL_CAMPAIGN_2019_04_10_02_29_COPY_01&utm_medium=email&utm_term=0_4db4d7150a-2f497da0a7-45007505

Previous post ما هو الذكاء الاصطناعي…؟
Next post شركة سيرز Sears، المتجر الذي غير أمريكا، يعلن الإفلاس