
«مكي أحمد العوامي: الفجر الذي أضاء ثم مضى»
عبدالله سلمان العوامي
الجمعة ٢٥ أبريل ٢٠٢٥م
بعض الوجوه لا تغيب حين تغيب، وبعض الأسماء لا تُنسى حين تُذكر. هناك من يرحلون بأجسادهم، لكن سيرتهم تبقى حيّة كأنفاسٍ دافئة في ذاكرتنا… هكذا كان أبو أحمد.
حين يرحل العظماء وأصحاب الرأي والتأثير، وأهل الوجاهة الاجتماعية، تتسابق الأقلام لرثائهم، ويُرفع صوت الفقد في مجالس العزاء، وهذا حق لمن وهب حياته للناس، وعاش للخير، وغرس المحبة في قلوب من حوله.
وفي يوم الأربعاء ٢٣ أبريل ٢٠٢٥م، الموافق ٢٤ شوال ١٤٤٦هـ، ودّعت عائلة العوامي في أم الحمام من محافظة القطيف ابنها البار، وصديقها الوفي، وأحد وجوهها النبيلة، الحاج مكي أحمد حسين العوامي، أبو أحمد، الذي غادر دنيانا إلى جوار ربه، تاركًا خلفه سيرة لا تنسى، ووجهًا مشرقًا في ذاكرة المحبة.
لم يكن من أهل الأضواء أو المناصب، ولا من الساعين وراء المجد الإعلامي، لكنه كان من أولئك الذين يصنعون الأثر في صمت. رجل عرفه الناس بابتسامته الصادقة، وكرمه الهادئ، وقلبه الواسع. كان مجلسه المشترك مع أخيه أبو علاء واحة أنس وملتقى محبة، يمتد طوال اليوم بلا ضجر، يستقبل الناس ببشاشة لا تكلف فيها، وبسعة صدر لا تنفد.
سيرة أبو أحمد… حكاية عطاء وسجلّ من الوفاء
وبالحديث عن أخلاقيات الفقيد النبيلة ومواقفه المضيئة، فهذه قصة لا تنتهي، بل كل زاوية فيها تُشرق بذكرى، وكل لحظةٍ فيها درس يُروى. اسمحوا لي أن أفتح بعض النوافذ التي تنير لنا من سيرته العطرة، ومضات تستحق أن تُسجَّل وتُروى للأجيال القادمة.
- داعمٌ للعلم رغم التحديات. لم يُكمل أبو أحمد دراسته الجامعية بسبب ظروف اجتماعية صعبة في شبابه، لكنه لم يسمح لتلك العقبة أن تتكرر في حياة أبنائه. بل جعل من تعليمهم أولوية قصوى، فدعم مسيرتهم العلمية بكل تفانٍ، داخل الوطن وخارجه وخاصة أمريكا، حتى نال الكثير منهم الشهادات الجامعية من أرقى الجامعات، مؤمنًا بأن العلم هو السلاح الحقيقي، والرصيد الأجمل الذي يتركه الأب لأبنائه.
- أب وصديق في عائلته الصغرى. كان أبو أحمد في عائلته الصغرى أكثر من مجرد أب؛ كان عمًّا وأخًا وصديقًا في آنٍ واحد. منح أخيه وأخواته وابنه وبناته وأبناء أخيه محبته وعنايته، وتابع تفاصيل حياتهم بدفء واهتمام. لم يتوانَ عن تقديم العطاء المادي والمعنوي، وكان حريصًا على إدخال السرور على قلوبهم في كل مناسبة، لا سيما في شهري شعبان ورمضان حيث كان يقدم المعايدات والهدايا، ويحرص على زيارتهم أو التواصل معهم تليفونيا او عبر رسالة إن تعذر اللقاء. كان حضوره بينهم مزيجًا من الأبوة الحانية والروح المرحة، مما جعله ركيزة في بيت لا تغيب عنه المحبة.
- صلة رحم وثيقة، وروح إصلاح ومحبة بلا تكلف مع العائلة الكبرى. امتدت محبته لتشمل عائلته الكبيرة أيضًا، حيث تميز بعلاقات قوية مع أقاربه من مختلف الأعمار. كان حريصًا على زيارتهم، والدعوة لاجتماعات العائلة، والمتابعة المستمرة لأحوالهم. إذا غاب أحد عن مجلس أو مناسبة، يبادر بالاتصال ويتفقده ويحثه على الحضور، مؤمنًا بأن الاجتماع العائلي بركة يجب الحفاظ عليها. كان يتعامل مع أقاربه ببساطة وتواضع، يخاطبهم بصلة القرابة كـ”ابن العم” أو “ابن الخال”، ليُجسد روح الترابط والود. لا يتردد في طلب المساعدة منهم، ولا يتردد في مدّ يد العون إذا علم بوجود مشكلة بينهم، ساعيًا لحلها بحكمة وسرعة، دون أن يترك الخلافات تتفاقم. كان بارًا بأرحامه، يسأل عن كبار السن والمرضى منهم، ويلوم نفسه إذا قصّر في التواصل بسبب انشغاله أو سفره. غيابه كان يُخلّف فراغًا حقيقيًا في نفوس محبيه، لأنه ببساطة كان محبًّا ومحبوبًا، خفيف الظل، صادق الود، وواسع القلب.
- أخلاقياته في العمل: قائد بروح الأخوة. كان أبو أحمد نموذجًا يُحتذى به في بيئة العمل، حيث لم يكن مجرد مشرف أو مسؤول، بل كان أخًا للجميع قبل أن يكون قائدًا لهم. أحبّه زملاؤه ومحبيه في موقع العمل، لأنه لم يتعامل معهم بتعالٍ أو سلطة، بل بروح التقدير والاحترام. كان يحرص عند وجود مهام في قريته “أم الحمام” أن يمنح أعضاء فريقه مبلغًا من المال لشراء وجبة طعام، معتبرًا أن الكرم والتقدير هما جزء من مسؤوليته كقائد. أما في تعامله مع كبار السن من زملائه، فقد كان يخجل من إصدار الأوامر لهم مباشرة، فيطلب من نائبه إيصال المطلوب، احترامًا لسنّهم وخبرتهم. كان يرى في العمل وسيلة لخدمة الناس، وليس فقط لأداء مهمة وظيفية، لذا لم يدّخر جهدًا في تيسير المعاملات ومساعدة من يستطيع من خلال موقعه، واضعًا نصب عينيه مصلحة مجتمعه أولًا وأخيرًا.
- علاقات إنسانية ممتدة وأخلاق جامعة. تميّز أبو أحمد بسعة صدره وروحه الاجتماعية الواسعة، فكان محبوبًا من الجميع، صغيرًا وكبيرًا، قريبًا وبعيدًا. لم يكن يفرّق بين أحد، بل كان يتحدث مع الجميع، يمازحهم بودّ وابتسامة، ويترك في كل لقاء بصمة من المودّة. كان ملفتًا بمعرفته الدقيقة لأسماء أبناء العائلة، بل وأسماء كثير من أبناء المجتمع من خارجها، ويخاطبهم بقرب وحميمية لافتة رغم فارق السن، وكأنه يحتفظ بذاكرة قلبٍ لا تنسى. امتدت صداقاته إلى مختلف مدن محافظة القطيف، وتجاوزت حدود الوطن إلى دول الخليج والعراق، وكل من عرفه أحبه لحضوره البهي وتواضعه الفريد. لم يكن يوماً متصنعًا أو متكلفًا، بل كان في تعامله صفاء نادر وإنسانية خالصة، لذا لم يكن مستغربًا أن يُفتقد بشدة بعد رحيله، فقد كان أخًا ورفيقًا ومُلهمًا في عطائه، لا يبخل بروحه أو وقته أو حتى راحته الجسدية في سبيل خدمة الناس وإسعادهم. وكان إذا تعرف على أحدٍ جديد، احتضنه كما يحتضن صديقًا قديما، فكان كأنما يعرف الناس منذ زمن، وينسج معهم خيوط المودة من اللحظة الأولى، دون أن يشعرهم بثقل الزمن أو الفارق الاجتماعي. هكذا كان أبو أحمد، إنسانًا ممتلئًا بالحب، وسفيرًا للبساطة والعطاء أينما حلّ.
- صبرٌ بلا شكوى: رحلة المرض بصمت النبلاء. بدأ رحلته مع المرض منذ عام ٢٠١٢، وظل يتردد على المستشفى حتى ساعة وفاته، حيث خضع لأربع عمليات رئيسية خلال تلك الفترة، وكان يرقد على سرير المرض في كل مرة بصبر واحتساب. وعلى الرغم من هذه المعاناة الطويلة، فإن معظم من عرفوه لم يعلموا بحقيقة مرضه، إذ لم يكن يشكو لأحد، ولم يُظهر ألمه، بل كان يتعامل مع الجميع بابتسامته المعهودة، ولا يذهب للمستشفى إلا إذا اشتد عليه الألم واضطر اضطرارًا.
- أثر لا يُنسى في القلوب: محبة تجاوزت المعارف. إلى جانب العدد الكبير من الأهل والأقارب والأصدقاء الذين توافدوا لزيارته في المستشفى، برزت حالة استثنائية لافتة، حيث زاره أيضًا أشخاص لم تكن عائلته تعرفهم من قبل، ولم يسبق لهم رؤيتهم، لكنهم أصرّوا على الاطمئنان على صحته، وعبّروا عن تقديرهم العميق له. كما تكررت هذه الظاهرة المؤثرة أثناء التشييع ومجالس العزاء، إذ حضر جمع غفير من المعزين الذين لم تتعرف عليهم العائلة سابقًا، وكان بكاؤهم بحرقة وتأثرهم الشديد دليلاً حيًا على محبة صادقة تركها هذا الرجل النبيل في قلوب الناس، حتى من خارج دائرته القريبة.
- خادم الزائرين ومحبٌّ لأهل البيت (عليهم السلام). كان أبو أحمد مثالًا في الولاء، عاشقًا لخدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام) ومخلصًا في حضوره ومشاركته في إحياء شعائر الأربعين، حيث لا تمر مناسبة إلا ويبادر لدعوة الجميع للمشاركة، ويحرص على متابعة كل ما يتعلق بخدمة المضيف. لم تثنه سنوات عمره، ولا مرضه، عن الوفاء بهذا العهد. كان يسافر طوال العام لمتابعة أعمال المضيف، إلى جانب زياراته المتكررة لمقامات أهل البيت (عليهم السلام)، مؤمنًا بأن تلك الزيارات ليست فقط للتبرك، بل للعلاج والراحة النفسية أيضًا. حتى في أصعب مراحل مرضه، ظل يتنقل من مشهد إلى آخر، وآخر رحلاته كانت قبل دخوله المستشفى بأسبوع أو اثنين فقط، رغم نصيحة أخيه أبي علاء بالتخفيف مراعاةً لصحته، لكنه كان يجيب بقناعة تامة: “شفائي في زيارة أهل البيت.” وكان في المضيف، كما عرفه الجميع، أول الحاضرين وآخر المنصرفين، يبادر بالخدمة دون تردد أو انتظار، يحمل إيمانًا عميقًا بأن من يخدم القوم يكون سيدهم، فكيف إذا خدم في مضيف لزوار الامام الحسين. في إحدى المرات، اشتد عليه المرض داخل المضيف، فطلب منه أحد الكوادر أن يذهب للنوم والراحة، فردَّ بابتسامة إيمان: “حضرت هنا لخدمة الزوار، فكيف أجيب الإمام الحسين عليه السلام إذا قصّرت في واجبي؟” كان حضور أبي أحمد في المضيف درسًا في الإخلاص، وعطاءه المتجدد رغم الألم والسنين، صورة ناصعة لروح خادمتها العشق والنية الصافية.
- نقاء القلب وسرعة الصفح. كان أبو أحمد يحمل قلبًا رقيقًا لا يعرف القسوة، فإذا صدر من أحد المقربين إليه ما يجرحه، سواء بكلمة عابرة أو بسوء ظن، لا يغضب منهم بقدر ما يلوم نفسه، ويشعر بالحزن لأنه لم يستطع إيصال فكرته أو حسن نيته بالشكل الصحيح، فيعتزل مؤقتًا متأملًا بصمت لا يحمل ضغينة. وفي المقابل، إن بدر منه خطأ – وهو نادر – يبادر فورًا بالاعتذار، ويقدمه بقلب صادق وابتسامة معروفة لا تُنسى، وكأن ما حدث لم يكن. كان شديد التسامح، حتى في لحظات الغضب، لا يأنف من التواصل أو إرسال رسالة فيها ودّ واعتذار، مما جعله يفرض احترام الجميع له، دون أن يطلبه. يُعرف بسرعة رضاه إذا جاءه عذر ممن أساء، فهو لا يحمل في قلبه سوى الصفاء، ولا يرضى أن تبقى العلاقات معكّرة ولو للحظة. بهذه الأخلاق العظيمة، استحق أن يكون محبوبًا، محترمًا، ومحل تقدير كل من عرفه.
- كريم في العطاء، خجول في الطلب. كان أبو أحمد مثالاً نادراً للكرم النابع من طهارة القلب، فلم يعرف الناس منه إلا السخاء، ولا عرف هو حدودًا للعطاء. كان كريمًا مع الجميع، من أهل بلده وخارجها، يقدم المساعدة متى طُلبت منه، بل ويسبق في كثير من الأحيان بالسؤال والعطاء دون انتظار طلب. رغم كرمه الواسع، كان خجولاً حين يُطلب منه شيء مرتبط بمجال عمله، يتعامل بتواضع بالغ، ويحرص على أن يلبي الطلب دون أن يشعر الطرف الآخر بالحرج. وكان الكرم عنده عادة أصيلة، تظهر بوضوح في سفراته، وخاصة إلى العراق، حيث كان يحمل الهدايا للصغير والكبير، في مشهد يفيض محبة ووفاء. وكانت محبته متبادلة؛ فما إن يصل إلى هناك حتى تمتلئ أيامه بالدعوات واللقاءات من أصدقاء لم تنقطع صلتهم به، تقديرًا لشخصه النبيل وكرمه اللامحدود. يده كانت مبسوطة، لا يتردد في الصدقة، ويمنح المعونة للمحتاجين بفرح وسرور. حتى منتجع “الفصول الأربعة” الذي يملكه، فتحه للأقارب والأصدقاء دون مقابل، إيمانًا منه بأن البر لا ينقص، والكرم لا يزول.
- الابتسامة أسلوب حياة. كان أبو أحمد يتميز بخفة الظل وروح الدعابة التي لا تفارقه، فلا تمر مناسبة إلا ويزينها بابتسامة صادقة أو تعليق طريف يُدخل السرور على من حوله. كان يرى في الضحك غذاءً للروح، يطلب من الآخرين أن يرووا له الطرائف والمواقف المسلية، ويشاركهم الضحك بفرح طفولي لا يشيخ. ذلك التفاؤل لم يكن سمةً عابرة، بل طبعًا متجذرًا فيه، يقابل به تقلبات الحياة، ويتعامل به مع المواقف الكبيرة والصغيرة. حتى في حواراته الجادة، كان يمرر أفكاره بروح مرحة تجعلها محببة، وتفتح لها القلوب قبل العقول. لقد كان الابتسام بالنسبة له أكثر من تعبير، بل أسلوب حياة.
- الهدوء في القيادة… والهيبة في الحضور. كان يقود سيارته بهدوء يعبّر عن شخصيته المتزنة والمتروّية، حتى إنه نادرًا ما احتاج لاستخدام الفرامل. ويُروى أنه ذات مرة ركب معه أحد أصدقائه وكان يقود بسرعة لافتة، فالتفت أبو أحمد إلى الخلف بهدوء ثم قال مبتسمًا: “لا يوجد من يلاحقنا خلف السيارة، فلماذا هذه السرعة؟” ورغم تقدّمه في العمر، لم يتخلَّ يومًا عن أناقته اللافتة، فقد كان دائم الحرص على الظهور بمظهر لائق وطلّة مهيبة تليق بمقامه ولقائه مع الآخرين. جمع بين رقيّ الأسلوب وبساطة القلب، فكان رفيقًا دائمًا للابتسامة، وسفيرًا للبهجة أينما حل، يدخل المجالس فتزهر الأرواح وتبتسم الوجوه بحضوره.
- رفيق الروح والرحلة. قال عنه خاله الحاج مكي علي العوامي، وهو يختصر ستين عامًا من العِشرة والمودة: “لم ولن أجد أحدًا غيره في هذا الكون يستطيع أن يملأ الفراغ الذي سيحدث لي بعد فقده. بيننا عِشرة دامت قرابة الستين عامًا، فيها من الأفراح والأحزان والذكريات ما لا يمكن التعبير عنه. عمره من عمري، وبيننا كيمياء وتفاهم لا يوصف، ولم نفترق يومًا، لا بزعل ولا نكد.” كلمات تختصر عُمق العلاقة، وصدق الرفقة، وندرة هذا الإنسان في زمن قلّ فيه الوفاء.
رثاء في غياب الحضور، لا في غياب الود
في كل سطرٍ من سيرة فقيدنا العزيز، الأخ الغالي أبي أحمد، وفي كل موقفٍ من مواقفه، تتجلى ملامح رجلٍ عظيم، طيّب القلب، نقيّ السريرة، صادق الخدمة.
إن ما قيل ويقال عنه من شمائل وفضائل، كافٍ لأن يُخلَّد اسمه في ذاكرة العائلة والمجتمع، كنموذجٍ نادر في صفاء النية ونبل الخُلق وبذل النفس في خدمة الآخرين دون ضجيج.
رحلتك العظيمة… مسؤوليتنا
إن سيرتك يا أبا أحمد ليست مجرد ذكرى عابرة، بل أمانة في أعناقنا، ورسالة يجب أن نرويها للأجيال القادمة. أنت مثالٌ للصفاء والصدق والبذل دون ضجيج، ورحيلك شهادة على محبة الناس التي لا تُشترى.
وداعًا أيها الطيّب…
أعتذر إليك، وإلى عائلتك الكريمة، لعدم تمكني من الحضور شخصيًا لتشييعك أو الوقوف في عزائك، فقد كنت خارج الوطن، لكنك حاضرٌ في دعائي، وفي وجداني.
يا أبا أحمد… غادرتنا، لكنك لم تُغادر الوجدان. تركت في كل زاوية من زوايانا درسًا، وفي كل قلبٍ من قلوبنا بصمة. نم قرير العين، فقد كنت من أولئك الذين يُشبهون الفجر: يأتون بصمت، ويغادرون وقد أضاءوا كل شيء
نسأل الله أن يجعل مقامك في أعلى عليين، ويتغمدك بواسع رحمته، ويجمعك بالصديقين والصالحين، ويجعل ذكراك نبراسًا للمحبين، ما بقي الوفاء.