ترجمة وبتصرف: عبدالله سلمان العوامي
بقلم: د. سيث ج. جيليهان Seth J. Gillihan, PhD
هو طبيب نفساني معتمد ومرخص وأخصائي علم النفس الكلينيكي (العيادي). متخصص في العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والتدخلات القائمة على كامل الذهن. تشمل كتبه منصة العلاج السلوكي المعرفي وعام اليقظة (شارك في كتابته د. أريا كامبل دانش)؛ يصاحب بودكاست اسبوعي تحت عنوان فكر، افعل، كن الأسبوعي، والذي يتضمن محادثات حول العيش والحياة بشكل متكامل.
المصدر: موقع مدونة الطبيب الشبكية blogs.webmd.com
تاريخ النشر: ٧ مايو ٢٠١٩ م
إذا كنت تتعامل مع القلق بشكل منتظم، فربما قد طورت بعض المهارات لإدارة مشاعر قلقك حاليا. ربما أنت تمارس تقنيات التنفس لتهدئة نظامك العصبي، أو تقوم بتحريك جسمك ليصرفك عن التفكير في القلق. ولكن هل من الممكن الحد من القلق على مستوى أعمق؟ هل يمكنك أن تصبح شخصا أقل قلقا؟
تشير الدراسات البحثية المتعددة إلى أنه باستطاعتك أن تكون أقل قلقا. بالطبع، هذا لا يعني أنه أمر سهل. القلق عبارة عن مزيج معقد من الأعراض العقلية والعاطفية والجسدية، ويرتبط بالعادات الطويلة التي تعرض لها الشخص لسنوات أو حتى عقود في حياته.
على سبيل المثال، قد يكون لدى الشخص الذي يعاني من قلق اجتماعي مرتفع، يرجع عادة من تفكيره في أن الآخرين يرونه “غريب الاطوار”؛ وربما يعزز هذا النمط من التفكير من خلال سياق آلاف التفاعلات على مر الزمن، مما يجعل من الصعب تغيير تفكيره بنمط آخر.
أن تصبح شخصًا أقل قلقًا يتطلب خطة منهجية لإعادة برمجة عاداتنا. ولأن القلق يؤثر على عقلك وجسدك وروحك، فإنه يتطلب ممارسة طرق جديدة للتفكير والتصرف والتأدب في هذا العالم المزدحم من أجل أن تكون شخصًا أقل قلقًا.
إذا كنت مستعدًا لأن تصبح أقل قلقًا، فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك استخدامها لبدء إعادة تدريب عقلك. اختر إحدى هذه الاستراتيجيات للتركيز عليها هذا الأسبوع، وممارسة عادات جديدة كل يوم – بدءًا من هذا اليوم.
الطريقة الأولى: فكر (الاستراتيجيات المعرفية)
تدرب على تمكين الأفكار: إذا كنت قلقًا للغاية، فقد تبدأ الأفكار المثيرة للقلق حتى قبل أن تغادر السرير في الصباح – أشياء مقلقة مثل “ماذا لو” وتشكك حول قدرتك على مواجهة التحديات في هذا اليوم.
تدرب على التفكير بشكل استباقي بطرق تمكنك – على سبيل المثال عندما تستيقظ صباحا، قل معتقدا: “لدي ما أحتاج إليه اليوم”، و “سأستخدم نفس القوة اليوم التي أوصلتني إلى هذا الحد”. اكتب الأفكار التي ترغب في ممارستها بمخاطبة نفسك، وأحمل هذه الأفكار معك للرجوع إليها طوال اليوم.
قم بتغيير علاقتك مع القلق: كلما حاولت تجنب القلق، كلما تمكن القلق من السيطرة على حياتك. ومن المفارقات، أن إحدى الطرق الموثوقة لتكون شخصًا أقل قلقًا هي البدء في رؤية القلق أمرًا لا مفر منه.
عندما تجد أنك تحاول أن تجعل نفسك لا تشعر بالقلق، حوّل تركيزك بدلاً من ذلك إلى ما تحتاج عمله في هذه الحالة. على سبيل المثال، إذا كنت قلقًا بشأن القاء خطاب، فركّز انتباهك على ما تريد قوله، بصرف النظر عن سبب القلق.
يمكنك أيضا تغيير علاقتك وأنت قلقا: إذا كنت عرضة للقلق المزمن، فمن المحتمل أنك تؤمن ضمنيًا على الأقل بضرورة أن تقلق أو يجب أن تقلق. في الواقع، القلق ليس أمرا منتجا – إنه لا يوفر لنا وجع القلب في المستقبل، ولا يحفزنا، ولا يجعلنا أكثر فعالية في حل المشكلات (بعض المعتقدات الشائعة حول القلق). عندما تشعر بالقلق، امنح نفسك إذنًا بالانتقال إلى ما يمكنك التحكم به بالفعل في ذلك الموقف.
الطريقة الثانية: أفعل (الاستراتيجيات السلوكية)
افعل الأشياء التي تخيفك: يرتبط القلق والتجنب منه ارتباطًا وثيقًا – كلما تجنبنا بعض المهام والمواقف، فكلما شعرنا بقلق أكبر، والعكس صحيح. يمكنك كسر هذا الرابط من خلال التعود على مواجهة ما يثير قلقك، دون تجنب أو تأخير. ابدأ بإنجاز بسيط – المهام الصغيرة التي تم تأجيلها، أو قليلا من المواقف الصعبة – ومن ثم اتجه نحو أخذ مواقف أكثر صعوبة.
اعتني باحتياجاتك البدنية: يمكن أن تؤثر حالتنا البدنية بشكل مباشر على قلقنا، وغالبًا ما يؤثر القلق على صحتنا الجسدية من خلال اضطراب النوم، واتباع نظام غذائي سيء، وممارسة تمارين رياضية غير متسقة. ابحث عن طرق بسيطة لرعاية نفسك تدريجيًا بشكل أفضل – بإضافة تمرين أسبوعي واحد، على سبيل المثال، أو التركيز على اتباع نظام غذائي أكثر صحية بتناول وجبة معينة في المرة الواحدة. اتجه أيضًا حول تحسين عادات نومك. يمكن أن يؤدي الشعور بالراحة البدنية إلى تحسين حالتك العقلية والعاطفية أيضًا.
الطريقة الثالثة: أشعر بكينونتك (استراتيجيات اليقظة)
أضف وقتا في جدولك للهدوء والسكينة: القلق يفرض علينا أن نكون في حركة مستمرة، سواء بدنيا أو فكريا عن طريق تدوير عجلاتنا العقلية. حدد نقطة كل يوم للبحث عن لحظات من الهدوء والسكينة. قد تكون ممارسة تأملات منهجية، مثل التركيز على ممارسة التنفس لبضع دقائق، أو مجرد الاستمتاع بفنجان من الشاي أثناء مشاهدة الطيور في الخارج.
عندما تتوقف عن التفكير والحركة، فإنك تعطي جهازك العصبي فرصة للاستقرار في مكان أكثر استرخاء. وبجلب انتباهك إلى هذه المحطة، بغض النظر عما تفعله، فإنك تخرج من انشغالك المنهمك بالمستقبل. وبذلك يمكنك أن تجد الراحة الحقيقية في لحظات السكون هذه.
احتضان عدم اليقين: القلق يأتي من الرغبة في أن تتحول الأمور بطريقة معينة عندما تكون النتيجة غير معروفة. ولكن للأفضل والأسوأ، لا يمكن التنبؤ بالحياة. نحن لا نعرف حقًا كيف تسير الأمور، والتي يمكن أن تكون مرعبة، ولكنها أيضًا هذا ما يجعل الحياة تسير وتستمر. عندما نتمكن من تخفيف قبضتنا على الأشياء التي نحتاجها في “طريقنا”، يمكننا أن نتخلى عن قلقنا بشأن المستقبل. أو بدلاً من ذلك، يمكننا أن نفتح المجال للحياة كسلسلة من المغامرات المدهشة.
ضع في اعتبارك أن كل واحدة من هذه الممارسات يمكن أن تعزز الممارسات الأخرى. احتضان عدم اليقين، على سبيل المثال، يجعلك أكثر استعدادًا لفعل أشياء تخيفك. عندما تعمل في مجال واحد، فأنت تقوم بتقوية المجالات الأخرى المصاحبة.
تذكر أيضًا أنه من غير الواقعي أن تتوقع بأن تصبح شخصًا غير قلقا. درجة من القلق أمر لا مفر منه، وربما لا تزال هناك أوقات تجد فيها قلقك يزداد شديدًا. ولكن من خلال الممارسة المركزة والمتسقة، يمكنك خفض مستوى القلق المعتاد لديك.
اقتراح أخير: ابتسم أكثر. يبدو الأمر بسيطًا – وهو كذلك – لكن يمكن أن يكون للابتسامة تأثير مفاجئ على قلقك. غالبًا ما يؤدي القلق المزمن إلى خطورة مزمنة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوتر والإجهاد والمزيد من القلق. لذلك عندما يزداد قلقك، تعرف على ما يحدث من حولك وفكر إذا كان بإمكانك حشد ابتسامة ولو كانت باهتة.