ترجمة وبتصرف: عبدالله سلمان العوامي
بقلم: السيد نيكولاس باكالر Nicholas Bakalar
مؤلف وكاتب مشارك في أحد عشر كتابًا صحيًا، بما في ذلك فهم الاكتئاب في سن المراهقة. وأيضا كاتب مقال في جريدة نيويورك تايمز.
المصدر: موقع ملحق الصحة في جريدة نيويورك تايمز https://www.nytimes.com/section/health
تاريخ النشر ١٩ نوفمبر، ٢٠١٨م
عامل الخطر الأكثر شيوعا للأمراض المستعصية هو عامل الشيخوخة. أمراض القلب والسرطان والسكتة الدماغية والحالات العصبية والسكري – كلها تزداد بشكل جذري عندما يتقدم العمر. وكلما كان الشخص أكبر سناً، كلما زاد احتمال تعرضه لأمراض مزمنة ومتعددة.
يأمل بعض العلماء في يوم من الأيام أن يعالجوا جميع هذه الامراض مرة واحدة – من خلال استهداف الشيخوخة نفسها.
الجنس البشري لم يخلق ليدوم إلى الأبد. كان أقدم شخص حسب السجلات الطبية هي السيدة جين كالنت، أمرأه فرنسية، توفت عام ١٩٩٧م عن عمر يناهز ١٢٢ عاما. في عام 2040، سوف يرتفع متوسط العمر المتوقع للناس في إسبانيا الى ٨٦ سنة، وفي ذلك الوقت إسبانيا سوف تجتاز اليابان والتي تعتبر الدولة ذات المواطنين الأطول عمراً.
لكن هناك لا يزال نزاعًا كبيرًا حول مدة بقاء البشر في الظروف المثالية. في عام 2016، قام فريق من العلماء بإعلان الحد الأدنى ليكون ١١٥ سنة. لكن في يونيو، قام الباحثون بمراجعة معدلات الوفيات بين الإيطاليين المسنين واقترحوا أنه قد لا يكون هناك حد على الاطلاق.
في الدراسات الحيوانية على مدى العقود القليلة الماضية، بدأ العلماء في فهم العمليات الإجرائية الخلوية منها والجزيئية المحددة والتي تسبب التدهور في الشيخوخة.
في مقال في مجلة جاما JAMA الشهر الماضي، قاما الباحثان تمارا تجكونيا والدكتور جيمز ل. كيركلاند من مايو كلينيك بتصنيف هذه العمليات الى أربع مجموعات موسعة: التهاب مزمن، ضعف الخلية، التغيرات في الخلايا الجذعية التي تجعلها تفشل في تجديد الأنسجة؛ والشيخوخة الخلوية وهي عملية التراكم في أنسجة خلايا الشيخوخة التي تصاحب المرض.
في الخلايا القديمة، وجد الباحثون، افراز البروتينات، الدهون وغيرها من مواد والتي تزيد من الالتهاب وتدمير الأنسجة. في إحدى الدراسات على الفئران، أظهر الباحثون أن زرع هذه الخلايا إلى مفاصل الركبة من الحيوانات السليمة يسبب المرض الذي يشبه الى حد كبير هشاشة العظام عند الانسان.
الشباب الأصحاء لديهم عدد قليل من هذه الخلايا المتقدّمة عمريا، ولكن بعد سن الستين، تبدأ هذه الخلايا بالتراكم، وترتبط كميتهم المتزايدة بإعاقات الشيخوخة.
والسؤال: هل يمكن أن يكون هناك أي علاج يزيل هذه الخلايا القديمة بينما يترك الخلايا الشابة؟ وقد تم بالفعل فحص العديد منها في المختبرات، واليكم النتائج:
في إحدى الدراسات على الفئران، تم العثور على خلايا قديمة سريعة التأثر لمزيج من أثنين من الادوية: داساتينب dasatinib، وهو دواء للسرطان، وكيرسستين quercetin، وهو نبات الفلافونويد. واستطاعت هذه العقارات ان تحسن من وظائف القلب وقدرات التمرين عند كبار السن من الفئران، كما تأخرت أعراض هشاشة العظام عندهم وساعد في اطالة أعمارهم صحيا.
بعض الأدوية التي تمت الموافقة عليها بالفعل لأغراض أخرى والتي تم اختبارها على أنها سينوليتيك” senolytics”، وهي الأدوية التي تقتل الخلايا القديمة ولكن هذه العقارات تم سحبها من الأسواق.
يخطط الدكتور نير برزيلاي، أستاذ الطب في كلية ألبرت أينشتاين الطبية، لدراسة الميتفورمين، وهو دواء استخدم لمدة 60 عامًا لعلاج مرض السكري وقد ثبت أنه فعال ضد العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر.
سؤال اخر: إذا كانت الأدوية قادرة على علاج الشيخوخة، فهل الشيخوخة نفسها تعتبر مرضا؟ والجواب: لا، قال الدكتور برزيلاي، ويضيف: “لا أنا ولا إدارة الغذاء والدواء مهتمون بادعاء ان الشيخوخة مرض. دراستنا هي لتبيان أنه يمكننا منع مركب من الأمراض المرتبطة بالعمر، مثل القلب والأوعية الدموية والسرطان والادراك – ويؤثر في النهاية على معدل الوفيات. “
هناك عقار اخر ومرشح لعلاج الشيخوخة وينطوي على أنزيم يسمى النيكوتيناميد الأدينين النوكليوتيد، أو ناد NAD وهو يعمل مع تنفس الخلية، حيث يحرك الإلكترونات إلى الميتوكوندريا لكي يتم إنتاج الطاقة. ةمع تقدم العمر، تنخفض مستويات ناد NAD إلى درجة لا يمكن اكتشافها في دماء كبار السن.
يعمل البروفسور ديفيد أ. سنكلير، أستاذ علم الوراثة في جامعة هارفارد، على طرق تجديد تلك المستويات. وفي دراسات أجريت على الخميرة والديدان والذباب والفئران، قال عنها البروفسور سنكلير: “إن التجديد السريع يقوم بعملية عكسية لبعض جوانب الشيخوخة”، وأضاف: “والآن هناك تجارب جارية على البشر”.
(حاليا يتم ترويج عقار ناد NAD بالفعل في مخازن الأغذية الصحية، لكن علماء مثل الدكتور برزيلاي يقولون إنه من السيئ أخذ جرعة غذائية لإطالة العمر – أو حتى دواء ثابت مثل الميتفورمين – ويحذر من استخدام هذه العقاقير حتى يتم الوصول إلى نتائج إيجابية عبر البيانات السريرية).
أحد الباحثين المنتشرين على نطاق واسع في هذا المجال، وهو د. اس جي اولشانسكي، أستاذ علم الأوبئة في جامعة إلينوي في شيكاغو، يقول إن هناك حدًا أقصى للعمر الذي يمكن أن نعيش فيه – وهو حوالي 85 عامًا.
قال الدكتور اولشانسكي: “أجزاء من الجسم، بما في ذلك الدماغ، ليست مصممة للاستخدام على المدى الطويل،” وأضاف: “نحن نرى عواقب دفع حدود البقاء على قيد الحياة، مثل: ارتفاع مرض الزهايمر، والخرف، ومشاكل المفاصل والورك، وفقدان كتلة العضلات”. وقال أيضا: “هذه ليست نتيجة للفشل بل للنجاح.” وينادي الدكتور أولشانسكي بتمديد “فترة الصحة، وليس العمر الافتراضي”. كما قال أيضا: سنموت جميعًا. لا يوجد عالم جاد يؤمن بالخلود. لكننا أيضا أقرب إلى ضمان مستوى الصحة في وقت الشيخوخة أكثر من أي وقت مضى.
“هناك العشرات من الشركات تجري تجارب مخبرية، أو تخطيط لها، في سبيل معالجة جميع الأسباب المختلفة للشيخوخة”، وختم الدكتور سنكلير قائلا: “أنا متفائل بأنه سيكون هناك بعض النجاحات في السنوات القادمة.”