من أجل طلب المشورة… توقف عن السؤال: هل يمكنني اختيار عقلك؟
ترجمة وبتصرف: عبدالله سلمان العوامي
بقلم: السيد غاري بورنيسون Gary Burnison
الرئيس التنفيذي لشركة Korn Ferry، وهي شركة استشارية تنظيمية عالمية وهي أكبر شركة توظيف في العالم. السيد غاري مؤلف لأكثر الكتب مبيعا في صحيفة نيويورك تايمز. كتابه الأخير، “Advance: The Ultimate How-to Guide to your Career”، يعطي نظرة فاحصة من الداخل على كل ما تحتاجه للتحكم والمضي قدماً في حياتك المهنية. سبق له أن كتب “اخسر السيرة الذاتية، وأربح الوظيفة”.
المصدر: ملحق النجاح من موقع قناة سي ان بي سي www.cnbc.com/make-it/success
تاريخ النشر: يوم الثلاثاء، ٩ يوليو ٢٠١٩
يقول باحثون من جامعة هارفارد إن هذه هي الطريقة التي يطلب بها الأشخاص الناجحون النصيحة والمشورة من الاخرين. هي أربع كلمات تشكل الطريقة الأكثر رعونة وتنفيرا ولكنها تلقى بطريقة مباشرة وأكثر من عادية، من أجل طلب المشورة – وأي شخص مشهور وكل نجم في مجاله الصناعي أو الفني سمع هذه الكلمات أكثر من عشرة مرات.
العبارة، رغم حسن النية، مفرطة في الاستخدام، غامضة بطريقة مفتوحة للغاية. عندما تبدأ المحادثة بهذه الطريقة، لا يوجد أي معرفة إلى أين ستذهب الأمور أو المدة التي ستستغرقها.
لا تفهموني خطأ: أنا مستعد لتقديم المشورة وتلقيها أيضا. تقديم المشورة هي علامة على التصدي للعمل القيادي الناجح، وطلب المشورة هي علامة على الذكاء. إذا استمر التبادل بين الطرفين بشكل جيد، فالنتيجة سيستفيد منها كلا الطرفان.
“التفاعل برمته هو فن دقيق ومعقد. إن هكذا تفاعل يتطلب ذكاءً عاطفياً، ووعيًا نفسيًا، وضبط للنفس، ودبلوماسية، بالإضافة الى صبر”، هذا ما كتبه الأستاذان في كلية هارفارد للأعمال، البروفسور جوشوا مارجوليس والبروفسور ديفيد أ. غارفين في مقالة لهارفارد بيزنس ريفيو في عام ٢٠١٥م.
لكن العملية قد تخرج عن مسارها الصحيح بطرق عديدة. يمكن أن يؤدي ذلك بسرعة إلى “الإحباط، تعطيل إتخاذ القرار، اللجوء الى الحلول الفرعية والمؤقتة، العلاقات المتوترة، وتدهور التنمية الشخصية”، وذلك وفقًا للأستاذين البروفسور مارغوليس والبروفسور غارفين.
لتجنب هذه العواقب، إليك بعض الإرشادات حول كيفية طلب المشورة دون إزعاج الشخص الآخر:
أولا – إبدأ بنبرة إيجابية:
نوعية الطريقة التي تبدأ بها المحادثة هي لب المسألة. بدلاً من البدء بـ “هل يمكنني إستخدام عقلك”، قم بتحويل مسار اللغة إلى نغمة أكثر إيجابية. وعندما تكون في شك من أمرك، أوصيك بـأن تقول التالي: “أحب أن أسمع نصيحتك”. وتقولها بدون رتوش أو مجاملات، وبطريقة ودية وبسيطة.
ثانيا – حدد نوع النصيحة التي تبحث عنها:
مباشرة بعد المقدمة، أعرض موضوع مشكلتك على هيئة سؤال. من أجل صياغة سؤال بدقة كبيرة، إسأل نفسك: ما نوع النصيحة التي أسعى إليها؟ على ماذا تنطوي مشكلتي؟ ما هي النتائج المرجوة؟
فيما يلي الأنواع الأربعة العامة للمشورة، وفقًا لبحث الأستاذين البروفسور جارفين والبروفسور مارجوليس:
١. نوع المشورة: منفردة
ماذا تنطوي عليه: إستكشاف ومعرفة خيارات متعددة لقرار واحد
النتائج المرجوة: توصيات لصالح أو ضد خيارات محددة
مثال على صيغة سؤال: “أين يجب أن نبني المصنع الجديد – في الصين أو البرازيل أو أوروبا الشرقية؟”
٢. نوع المشورة: إستشارة
ماذا تنطوي عليه: تقديم التوجيه حول كيفية التعامل مع موقف معقد أو غير مألوف
النتائج المرجوة: توضيح إطار أو عملية للتحرك في هكذا موقف
مثال على صيغة سؤال: “كيف يجب أن أتعامل مع رئيسي المستبد؟”
٣. نوع المشورة: تدريب
ماذا تنطوي عليه: تعزيز المهارات والوعي والإدارة الذاتية
النتائج المرجوة: إجادة المهام؛ التنمية الشخصية والمهنية
مثال على صيغة سؤال: “كيف يمكنني العمل بشكل أكثر تعاونًا مع زملائي؟”
٤. نوع المشورة: توجيه
ماذا تنطوي عليه: توفير الفرص والتوجيه والحماية للمساعدة في النجاح الوظيفي
النتائج المرجوة: علاقة مكرسة للبناء والحفاظ على الفعالية المهنية والشخصية والتقدم الوظيفي
مثال على صيغة السؤال: “كيف يمكنني الحصول على مزيد من الايضاح والكشف عن مشروعي؟”
في اليوم الآخر، إتصلت بي أحدهن للحصول على إرشادات، وكانت طريقتها مثالية، حيث قالت: “أرغب أن أسمع نصيحتك. شركتي تطلب مني الإنتقال. هناك العديد من العوامل التي يجب أن أتخذها في عين الإعتبار، لست متأكدة مما إذا كان ينبغي على القيام بذلك أم لا. هل لديك ٤٥ دقيقة للدردشة؟ أعرف أن مدة خمسة وأربعون دقيقة مدة طويلة، لكنني أقدر حقيقة أنها إعترفت بأنها ستكون محادثة طويلة. وبكل سعادة، حجزت بعض الوقت في جدول مفكرتي وانتهى بنا المطاف لقضاء ساعة كاملة.
ثالثا – حضر حالك وكن مستعدا بتفاصيل محددة:
أثناء الإنتقال إلى المحادثة، من المهم تحديد المشكلة بوضوح. وإلا، فأنت تفعل ما أحب أن أسميه “تذوق الحديث ثم غير مساره”. (وهذا سبب آخر يمنعك أبدًا من طلب إختيار دماغ شخص ما؛ فهو يجعل الشخص الآخر يفترض أن العملية التبادلية ستستغرق بضع دقائق فقط. ولكن في أكثر الأحيان، ينتهي الأمر إلى الغوص العميق وتستغرق وقتا أكثر).
وفقًا للأستاذين البروفسور مارغوليس والبروفسور غارفين، عندما لا تكون مستعدًا بتفاصيل محددة حول مشكلتك، فمن المرجح أن ينتهي بك الأمر “سرد قصة طويلة، وضربة تلو ضربة حسب المثل الغربي” وهذا قد يسبب في تهاون وعدم إكتراث مقدم النصيحة، ويفقد التركيز أو يخطئ بمعرفة المشكلة الأساسية التي تحتاج إلى حل.
ببساطة، لا تدخل في المحادثة خالي الوفاض. ضع حواجز حماية واقعية على المحادثة وقم بتضمين أي معلومات وخلفيات أساسية، قد لا يكون مستشارك على دراية بها. توفير تفاصيل محددة يبقي المحادثة ممتعة ومثيرة للإهتمام.
رابعا – إسأل الشخص المناسب:
لقد اكتشفت العديد من الدراسات الميدانية أن الباحثين عن المشورة هم أكثر عرضة لطلب التوجيه من الأشخاص الذين يشعرون بالراحة معهم، مثل الأصدقاء المقربين أو أحد أفراد الأسرة.
وكتب الأستاذان البروفسور مارغوليس والبروفسور جارفين: “على الرغم من أن الصداقة وإمكانية الوصول والشخصيات غير المهددة تنقل جميعها مستويات عالية من الراحة والثقة، فقد لا تكون لها أي علاقة بجدوى أو جودة النصيحة أو عدمها”. هذا صحيح وبشكل خاص إذا كنت تسعى للحصول على المشورة المتعلقة بالوظيفة.
فكر بشكل خلاق في الخبرة التي تحتاجها. من هو الذي سيجلب لك البصيرة الأكثر قيمة؟ من هو الذي لديه المعرفة الأكثر وذات الصلة بمشكلتك؟
على سبيل المثال، إذا كنت تطلب من الرئيس التنفيذي المتمرس للحصول على المشورة المتعلقة بحياتك الشخصية، فلا تتوقع تناول الغداء مع الأسطورة يودا Yoda. يوفر مستشارك وقتًا ثمينًا للإستماع وتقديم معلومات إحترافية، وليس لسماع أنفاسك لمدة ساعة.
خامسا – لا تسأل كل أحد:
يمكن للأمور أن تأتي بنتائج عكسية وبسرعة، إذا ركضت في طلب المشورة من أشخاص متعددين. وبكل وضوح، لن تتمكن من متابعة نصيحة الجميع.
تقول هايلي بلوندين، طالبة الدكتوراه في كلية هارفارد للأعمال والمؤلف المشارك في دراسة التكاليف الشخصية لتجاهل المشورة في عام ٢٠١٨م: “تظهر الأبحاث أن أولئك الذين لا تسترشد بنصيحتهم قد تكون لديهم رؤية أسوأ لك فيما بعد. قد يرون أنك أقل كفاءة أو يتجنبوا التعامل معك لاحقا”. على سبيل المثال، تشعر مديرة التسويق المحترمة على نطاق واسع بالرضا عندما تسألها عما يجب أن تفعله حيال موقف معين، ولكن بعد ذلك ستكون هي أقل سعادة عندما تكتشف أنك لم تفعل بمشورتها. تذكر أنك لا تدير إستفتاء للرأي العام بواسطة شركة جالوب Gallup (ولكن إذا كنت بالفعل، فقل ذلك فقط).
سادسا – لا تفترض سلفا أنك تعرف بالفعل الإجابات:
أشار الأستاذان البروفسور غارفين والبروفسور مارغوليس إلى أن الناس غالباً ما يجدون صعوبة في “تقييم كفاءتهم واعتقادهم الكبير في حدسهم.” نتيجة لذلك، ينتهي بهم الأمر بطلب المشورة للحصول على المصادقة لأفكارهم أو الثناء عليها. أولئك الذين لديهم ميل للقيام بذلك غالبًا ما يعتقدون أنهم قد قاموا بالفعل بحل المشكلة، لكنهم يريدون فقط التأكيد من إمكانياتهم أو الإعتراف بكفاءتهم وخاصة من رؤسائهم أو أقرانهم.
وأشارت الأستاذة إلى “إنها لعبة خطيرة لأنهم يجازفون بإبعاد مستشاريهم وعندما يصبح الأمر واضحًا – وسيطلبون لاحقا – وتكون مطالبتهم بالتوجيه فقط للإستعراض أو لتجنب عمل إضافي”.
سابعا – كن مقدرا للفضل وممتنا للجميل:
إنها من البديهيات كما تعلم، لكن بناءً على تجربتي، ما زلت أشعر بالحاجة إلى التأكيد عليها: كن ممتنًا للجميل ومقدرا للفضل. أشكر مستشارك ومن قدم لك النصيحة والمشورة على وقتهم في ختام إجتماعكم. لا يضر أن أشكرهم مرة أخرى في اليوم التالي عبر البريد الإلكتروني. شاركهم لاحقًا بمعرفة كيف أن ملاحظاتهم قد ساعدتك. إذا أرسلوا لك مقالًا أو كتابًا، فأخبرهم كيف إستفدت منه. إن إظهار تواضعك وإبراز تقديرك لهم سيساعدك في قطع شوطًا طويلًا في الحفاظ على علاقات جيدة ومميزة مع الأشخاص الموجودين في شبكتك المهنية.